سيدات ورجال من ذوي الإعاقة يصنعون الكمامات الطبية بغزة لمواجهة "كورونا"
وراء ماكينات خياطة داخل مشغل للخياطة في قطاع غزة، تعمل سيدات ورجال من ذوي الإعاقة بحياكة الكمامات لاستخدامها في منع تفشي فيروس كورونا المستجد، في حين يحذر خبراء من أن انتشار الفيروس بالقطاع ينذر بكارثة كبيرة، بسبب قلة الإمكانات الطبية.
وفي داخل مشغل الخياطة بمركز إرادة للتأهيل والتدريب المهني للأشخاص ذوي الإعاقة بغزة، تنشغل 14 سيدة ورجل بحياكة خياطة الكمامات والأقنعة لمواجهة الوباء القاتل في القطاع المحاصر منذُ اكثر من 13 عامًا من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وتقول منال حسنة مسؤولة المشاريع والعلاقات العامة بمركز إرادة :"إن مشروع انتاج الكمامات الطبية، جاء لدعم السكان في وقت تطبق الحكومة إجراءات ضد فيروس (كوفيد-19)، وهم بحاجة للمستلزمات الخاصة لذلك".
وتأمل أن يتم تصدير الكمامات من القطاع إلى الخارج، إذا سمحت حكومة الاحتلال بذلك وهو ما يخلق فرص عمل لعدد كبير من الأسر الفقيرة، وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن أكثر من 127,000 شخص في قطاع غزة، و39% منهم يعيشون تحت خط الفقر، 54% منهم لا يعملون.
وتضيف حسنة، أن المشروع يعتمد على تشغيل مجموعة من النساء والشباب ذوي الإعاقة، لإنتاج الكمامات الطبية اللازمة، في وقت تمنع (إسرائيل) وصول مزيد من الاقمشة إلى مصانع القطاع.
وتبقى وتيرة انتشار فيروس كورونا في القطاع بطيئة حتى الآن، وأعلنت وزارة الصحة بغزة في أحدث إحصائية لها، إصابة 61 شخصًا، وتعافى 18 حالة، إلا أن خبراء الصحة حذروا من كارثة صحية حال انتشر الفيروس، بسبب الظروف الصعبة التي يُعاني منها السكان (مليوني مواطن)، من فقر وقلة الإمكانات وغياب البنية التحتية.
وبلغ عدد النزلاء المحجورين في مراكز الحجر الصحي الـ17 والموزعة على محافظات القطاع الخمس حتى الآن، 1492 محجور معظمهم من العائدين إلى القطاع، فيما يبقى المحجوزين داخل العزل فترة مدة 21 يومًا، وسجل رسميًا حالة وفاة واحدة لسيدة سبعينية جراء الإصابة بالفيروس.
لتلبية حاجة السوق
وتواصل مصانع الخياطة في غزة منذُ الإعلان عن أول إصابة بفيروس "كورونا" 22 مارس الماضي، إنتاج كميات كبيرة من الكمامات والبزات الطبية التي توافق المواصفات العالمية، وذلك لتلبية حاجة السوق المحلي.
وفي المشغل الصغير، يجلس الأشخاص خلف الماكينات مدة خمسة ساعات متواصلة طوال الأسبوع ما عدا يومي الخميس والجمعة، وبحسب حسنة، "إنهم ينتجون حوالي 2000 كمامة يوميًا".
وعن تصريف الكمامات الطبية، تتابع :"يتم توزيعها من قبل مؤسسة الخير على الأسر الفقيرة بالتعاون مع مؤسسات محلية خيرية عاملة، لمواجهة (كورونا)، إضافة إلى توعوية الناس بمخاطر انتشار الفيروس، وتعليمات الوقاية منه".
وتشير حسنة، إلى أن المركز يعطي مكافأة مالية للعاملين وفق نظام التعاقد اليومي، إلى جانب توفير المواصلات لتيسير حركتهم، لافتةً إلى أنه من المتوقع أن ينتهي عمل مشروع الكمامات خلال شهر.
وتوضح أن المشروع الممول من مؤسسة الخير، يدعم حقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة بالعمل، كما يساهم في تقليل انتشار البطالة المرتفعة بين أوساط السكان داخل القطاع المكتظ بالسكان، لأكثر من النصف.
وتمنع حكومة الاحتلال الإسرائيلي إدخال البضائع والمواد الأساسية الهامة إلى القطاع، منذُ أن فرضت حصارًا شاملاً على غزة عام 2007، تحت حجج واهية، وعلى أثره ارتفعت نسبة العاطلين عن العمل، والفقر بين العائلات.
وبلغ عدد مصانع صناعة الملابس بمختلف أنواعها نحو 900 ألف مصنع حتى عام 2000، وكانت تضم 36 ألف عامل، بقيّ منها 140 مصنعًا، لا تلبي حاجات السوق المحلي، وفق الغرفة التجارية في غزة.
وزارة الصحة، ذكرت أنها تعاني من إدخال في المستلزمات الطبية وأدوات الفحص المخبري، بسبب قيود الاحتلال عليها.
وتوضح حسنة، أن ورشة الخياطة تنفذ منتجات مختلفة مثل زي التخرج للجامعة، الزي الطبي للكليات الطبية والعلمية، الزي الحرفي للمراكز المهنية، الزي المدرسي وغيرها من المنتجات".
وتؤكد على أن "المشغل يسعى لتطوير القدرة الإنتاجية لزيادة كميات المنتوجات".
وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه العاملين، قالت :"محاولة بعض التجار احتكار القماش الطبي"، وهو ما يؤثر على كميات إنتاج الأقنعة، خلال هذه الفترة.
ودعت حسنة، جميع المؤسسات الدولية والمحلية إلى دعم المشروع والمتدربين، إضافة لتطوير القدرة الإنتاجية.
وفي 14 مايو، أكدت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بغزة، أن قرار إغلاق المساجد وإيقاف الصلوات فيها مازال ساريًا، فيما قررت أداء صلاة الجمعة في المسجد، وفق الضوابط والشروط الصحية الصادرة من الجهات الرسمية.
ولا تزال الحكومة تغلق كافة المقاهي وصلات الأفراح والأماكن العامة ومعبري رفح مع مصر وبيت حانون مع (إسرائيل)، وذلك حرصًا على سلامة المواطنين من المرض الجديد.
ويقول محمد لبد مالك محال للمنظفات والمعقمات :"إنّ إقبال المواطنين على شراء المنظفات والمعقمات بمختلف أنواعها، لا تزال مستمرة، بسبب خوفهم من انتقال العدوى".
وفي صلاة الجمعة الأخيرة من رمضان وصلاة عيد الفطر، وزعت مساجد القطاع كمامات على المصّلين، وذلك ضمن الضوابط الوقائية التي فرضتها الحكومة، للحد من تفشي الجائحة.