الإجهاض : ما هي مخاطر حبوب الإجهاض التي تباع في السوق السوداء؟

الصفحة الرئيسية

 

قامت الرئيسة سيومارا كاسترو ، أول امرأة تتولى رئاسة هندوراس ، بحملتها على وعد بتخفيف قوانين الإجهاض

الإجهاض : ما هي مخاطر حبوب الإجهاض التي تباع في السوق السوداء؟


تعهدت سيومارا كاسترو، أول امرأة تتولى رئاسة هندوراس، خلال حملتها الانتخابية بإدخال إصلاح على قوانين الدولة الصارمة للغاية فيما يتعلق بحقوق الحمل والإنجاب في غضون أول مئة يوم لها في منصبها.


وبعد مرور أكثر من عام فوزها بالرئاسة، تم الإعلان عن تقنين حبوب منع الحمل، لكن في حالات الاغتصاب فقط.


التقينا بلورا (إسم مستعار) التي تبلغ من العمر 25 عاماً، وحامل في شهرها الثاني، لكنها لا ترغب بإنجاب الطفل.
تقول لورا وهي تتمايل: "قبل شهرين، التقيت بشخص ما وتواعدنا، لم أكن حذرة، فأصبحت حاملاً. لكن ذلك كان أمراً في غاية الصعوبة بالنسبة لي، لأنني أعيش بمفردي ولا احد يدعمني مادياً".


تم حظر حبوب منع الحمل في عام 2009 وحتى وقت سابق من هذا الأسبوع، والآن يمكن فقط للنساء اللائي تعرضن للاغتصاب استخدامها.


لا يزال الإجهاض جريمة يعاقب عليه القانون بالسجن لمدة تصل إلى ست سنوات، حتى في حالات الاغتصاب أو زنى المحارم (سفاح القربى).


لكن لورا سمعت عن عقار يوصف لسرطان المعدة يتناوله الناس لإنهاء الحمل. وعندما يتم أخذه عن طريق المهبل، يسبب نزيفاً حاداً في جدار الرحم، وفي النهاية يؤدي إلى الإجهاض.


تخطط لورا لشراء هذه الحبوب من تاجر مخدرات يُدعى خوسيه (اسم مستعار)، وتقول إنه معروف جيداً لدى من هم في سنها في تيغوسيغالبا.


في إحدى الأمسيات، اصطحبنا خوسيه إلى صيدلية لأخذ الأدوية لإحدى الزبونات. بينما كانت رائحة الكولونيا تفوح من سيارته، أخبرنا أن صديقته السابقة التي كانت تعمل في أحد المستشفيات هي من وفرت له الوصفة الطبية.
يقول إنه يغير ثمن الدواء بحسب الوضع المالي للزبون. أقصى مبلغ يتقاضاه خوسيه هو 7000 ليمبيرا (حوالي 280 دولار)، لكنه يضاعف هذا المبلغ في بعض الأحيان.


وبدأ خوسيه بسرد قائمة زبائنه على أصابع يده قائلاً: "منهم الطالبات والفتيات اللواتي بدأن حياتهن الجنسية للتو، والأمهات الشابات والمتقدمات بالعمر، والنساء اللواتي حملن بعد علاقة غرامية، وإلى ما هناك، المهم معظم زبائنه من النساء. فالرجال في كثير من الأحيان لا يتحملون المسؤولية".


يقول خوسيه إنه يبيع أيضاً حبوب منع الحمل لكن عدد زبائنه أقل بكثير.
هناك صيدلية في تيغوسيغالبا، تشتهر ببيع حبوب منع الحمل بشكل غير قانوني، كما يقول، وتأكدنا من ذلك بأنفسنا عندما ذهبنا إلى الصيدلية واشترينا الحبوب بمبلغ 9 دولارات.


قدّرت مجموعة عمل تابعة للأمم المتحدة العام الماضي، عدد عمليات الإجهاض غير الآمنة في هندوراس بين 51 ألف إلى 82 ألف عملية سنوياً .


ويقول خوسيه إنه مشغول في معظم الأحيان ، عندما عبرنا له عن اعتراضنا على عمله، قال إنه يدرك عدم قانونية ما يقوم به، ويعترف بافتقاره للتدريب الطبي، لكنه يسمي ذلك خدمة وحتى ذكر بعض أسماء زبائنه البارزين، مضيفاً أن زبوناته يثقن به، لدرجة أنهن يطلبن منه إدخال الحبوب المهبلية إلى أجسادهن.


"نظراً لأن الحبوب تؤخذ بطريقتين : اثنتان عن طريق الفم واثنتان عن طريق المهبل، فغالباً تفضل النساء أن يساعدهن في ذلك شخص لديه خبرة في هذا الشأن، فيطلبون مني هذه الخدمة".


ويقول إنه يوفر أيضاً أملاح معالجة الجفاف لمساعدة النساء على التعافي من النزيف .
يقر خوسيه بأنه يفتقر للمؤهلات الطبية



في أكبر مستشفى عام في هندوراس، مستشفى إسكويلا في تيغوسيغالبا، تتقاطر النساء اللاتي يعانين من مضاعفات النزيف الناجم عن الدواء الذي يوفره لهن خوسيه وغيره من التجار في السوق السوداء.


يتم علاج حوالي 60 امرأة هناك أسبوعياً بعد اسقاط الحمل، إما بسبب الإجهاض بعد أخذ الدواء أو بشكل طبيعي، ولا يحتفظ المستشفى بسجلات منفصلة عن سبب الإجهاض.


ويصادف الموظفون هناك أيضاً العديد من الفتيات اللائي يذهبن إلى المستشفى لإجراء اختبارات الحمل، تتراوح أعمارهن بين 15 و 17 عاماً.


يوجد في هندوراس أعلى معدل لحالات حمل المراهقات في أمريكا الوسطى وأكثر من ضعف المعدل العالمي، وفقاً لتقرير الأمم المتحدة للسكان في العالم لعام 2020.


يقول الأطباء إنه من المحبط أنهم لا يستطيعون فعل أي شيء للمساعدة عندما يكون الحمل غير مرغوب به، أو حتى عندما يشكل الحمل خطراً على حياة الأم.


تقول جينا روزالس، من أكسيون جوفن، وهي مجموعة تدعم الشباب، إن ضعف الثقافة الجنسية وانتشار العنف القائم على النوع الاجتماعي، هما السبب وراء العديد من حالات الحمل والإجهاض المحفوف بالمخاطر .


وتقول: "إذا قامت امرأة في هندوراس بالإجهاض فهذا ليس ذنبها، بل خطأ الدولة لأنها لا توفر الموارد اللازمة لمنع هذه الحالات".


تقول روزاليس إن هناك معارضة لإضفاء الشرعية على الإجهاض في بلد يعتبر 43 في المئة من سكانه من المسيحيين الإنجيليين، و 38 في المئة من الكاثوليك.


لكنها تجادل بأن حبوب منع الحملالتي تعتمدها منظمة الصحة العالمية يجب أن تكون أقل إثارة للجدل. إلا أن هناك رأي آخر للناشطين الشباب من مجموعة "جيل سيليست" التي تصف نفسها بأنها وُجدت من أجل الحياة والأسرة وحرية هندوراس.


جورجي، الذي قابلناه برفقة زميلةله تدعى ألمى في مقهى بالفندق، يقول إن ثلاثة أنواع لحبوب منع الحمل في البلاد: "اثنان منها موانع للحمل أما الثالث فيمنع البويضة الملقحة من الالتصاق بجدار الرحم".


ويؤكد على أن النوع الأخبر يمثل إجهاضاً مبكراً.


تضيف ألمى: "الإجهاض ليس خيار شخصي، إنه يتعارض مع أهم حق أساسي، وهو الحق في الحياة".
الدكتور خوسيه مانويل ماتيو: "بالنسبة لأولئك الذين يمارسون الجنس بلا مسؤولية، دعهم يتحملون العواقب".

في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، أجرت هندوراس أول انتخابات ديمقراطية منذ الانقلاب العسكري في عام 2009.


وكانت الفائزة سيومارا كاسترو، التي أصبحت أول امرأة تتولى رئاسة هندوراس قد وعدت الناس بجعل الإجهاض قانونياً في بعض الحالات (كالاغتصاب أو عندما تكون حياة الأم في خطر) وجعل حبوب منع الحمل متاحة لجميع النساء بشكل قانوني.


وقالت إنها ستفعل ذلك في غضون 100 يوم من توليها المنصب في يناير/كانون الثاني من هذا العام.


لكن مجموعات حقوق المرأة تقول لبي بي سي إنه بينما تمت دعوتهن لإجراء لقاء مع الرئيسة، لم تكن هناك مؤشرات على أي تغيير في قوانين الإجهاض.


التغيير الموعود بشأن حبوب منع الحمل لم يتحقق أيضاً.


في 6 ديسمبر/ كانون الأول، أعلنت وزارة الصحة أنها ستصبح قانونية مرة أخرى لأول مرة منذ انقلاب عام 2009 ولكن فقط في حالات الاغتصاب وتعطى تحت إشراف طبيب في المستشفى.


وصفت تيس هيويت من منظمة "أطباء بلا حدود" في هندوراس هذه الخطوة بأنها "خطوة رئيسية لضمان توافر الرعاية الحيوية والعاجلة لآلاف النساء في هندوراس" ، لكنها قالت إنه لا ينبغي أن يقتصر ذلك على ضحايا العنف الجنسي.


وأضافت: "يجب أن تكون الخطوة الفورية التالية هي التأكد من أن حبوب منع الحمل متاحة لكل من يحتاجها في حالات الطوارئ".


رفضت الرئيسة سيومارا كاسترو، إجراء مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية، لكن وزير الصحة خوسيه مانويل ماثيو، وافق على التحدث إلينا في الوقت الذي كان يتم فيه اتخاذ الخطوات لإضفاء الشرعية على حبوب منع الحمل.


سألناه لماذا باتت متاحة فقط للنساء اللائي تعرضن للعنف الجنسي.


فكان رده: "لن نروّج لحبوب منع الحمل كوسيلة لمنع الحمل فيتفشى الفسق والفجور".


ويضيف: "إنني أستخدم كلمات دقيقة، لن تُستخدم هذه الحبوب إلا من قبل النساء اللواتي تعرضن للاغتصاب، أما من مارست الجنس غير المسؤول برضاها، فدعها تتحمل عواقب فعلتها".


النساء أمثال لورا الحامل التي ستنجب طفلاً غير مرغوب به، وتربيه بمفردها دون معيل، لأنها مارست الجنس برضاها، لن يحصلن على أدوية الإجهاض بشكل قانوني.


تقول لورا إنها تدرك مخاطر الحبوب التي يجلبها لها خوسيه، وتضيف مرتعشة: "يقولون إن الآلام الناجمة عن الإجهاض غير القانوني ثلاثة أضعاف آلام الولادة الطبيعية".


وتضيف: "لا يمكنني التأكد من بقائي على قيد الحياة، لكن ليس لدي مخرج آخر. أعلم أن الإجهاض غير قانوني، لكنني ساغتنم الفرصة المتاحة لي".
google-playkhamsatmostaqltradent