" بيت القرعيات " - مشروع نسوي يجمع بين الزراعة الآمنة والسياحة " سهل مرج بن عامر بجنين "
في قلب "مرج بن عامر" وسط أجمل مناطق الطبيعة في فلسطين، اختارت سيدة فلسطينية أن تضع بصمتها في مشروع فريد من نوعه ، يجمع بين السياحة والزراعة، ويتيح للزائرين فرصة التجول بين المحاصيل الزراعية وقطفها بأيديهم، وتذوقها طازجة أو بأشكال أخرى بعد طهيها وتحضيرها لهم .
وبعيدا عن ضجيج المدن، أقامت منار شعبان من قرية الجلمة شمال جنين، مشروع "بيت القرعيات"، ليكون دافعًا للعائلات والشباب والمواطنين من مختلف الفئات العمرية لخوض تجربة " السياحة الريفية "، كما أسمتها .
وعن أولى خطوات " منار " بالمشروع : "بعد جائحة كورونا وما خلفته من آثار اقتصادية طالت جميع فئات المجتمع، فكرت بمشروعٍ خاص، فأنشأت بيتًا بلاستيكيًا بمساحة دونمين، يضم مكانًا لاستقبال السياح الذين يحبون خوض تجربة القطاف بأيديهم "
وتشارك أكثر من 40 سيدة بالمشروع، يزرعن أنواعًا مختلفة من الخضار، مثل الورقيات، والخيار، الربيعي، والبندورة، والفاصولياء، واليقطين، وغيرها .
وفي سؤال عن سبب تسميته بـ "بيت القرعيات": "نزرع في المشروع 9 أصناف من القرعيات، ولهذا أسميناه بهذا الاسم" .
ويأتي الضيف إلى المزرعة ويشتري من أي صنف يريده، ومتاح له أن يقطفها بيده ثم تستضيفه في بيت القرعيات ؛ ليتناول وجبة معدة مسبقًا من محصول المزرعة حسب اختياره .
وتزيد: " الزائر لا يحصل على رحلة ترفيهية فقط، إنما يتسوق ويستمتع ويستفيد وبسعر مناسب وفي متناول اليد بدون وسيط ، من المنتج للمستهلك مباشرة " .
ولا تكتفي "منار" ببيع الثمار خضراء، إنما تُصنّع جزءًا كبيرًا لمنتجات متعددة، مثل مربى القرع، والقرع المجفف، وحلوى الزلابية القرعية، وتسوقها في نقاط بيع متعددة، إضافة لمنتجات أخرى ريفية من إنتاج سيدات من قرية الجلمة وقرى مجاورة، مثل الفريكة، اللبنة، الزيتون الأسود (الجرجير)، رب البندورة، البرغل، القزحة والسمسم.
خلو من المبيدات :
ومما يميز المحصول في "بيت القرعيات"، تؤكد "منار" أنه عضوي خال من أي مبيدات أو كيماويات، كما أن جميع المزارعات المشاركات في المشروع حاصلات على شهادات خلو من السُميّة "سمية صفر" من مختبرات جامعة بيرزيت .
وتسهب "منار" في الحديث عن مشروعها: " المذاق مختلف، والجودة فائقة، وبالتالي أضمن للزبائن أن تظلّ باقة النعنع أو البقدونس أو الجرجير في الثلاجة لأكثر من أسبوعين، في حين أن المنتج غير الآمن لا يصمد لأكثر من 3 أيام ".
واستخدمت المزارعات في هذا المشروع آلية محددة يطلق عليها الزراعة الآمنة من خلال استخدام المبيد الحشري على المناطق المصابة فقط، دون رش النبتة كاملة أو المزرعة بأكملها، وعدم القطف إلا بعد مرور فترة الأمان وانتهاء مفعول المبيد .
وتوصي بالعمل على رفع الوعي بالمنتج الزراعي الآمن، وتعقّب : "بدلاً من أن تدفع التكاليف على الأطباء والأدوية مستقبلًا، استثمرها في الحصول على غذاء آمن، فدرهم وقاية خير من قنطار علاج".
وتشير إلى أن هذه الآلية قلّصت بشكل كبير من استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة الكيميائية، واستبدالها بأخرى طبيعية، الأمر الذي ساهم في نجاح المشروع وخلق ثقافة جديدة في المجتمع الفلسطيني، تدعوه للبحث عن المنتج الآمن.
عوائق :
وتحكي صاحبة المشروع، أن هذا النوع من الزراعة والمحصول الذي يباع بسعر أعلى من غيره، يواجه العديد من المشاكل، أهمها التعبئة والتغليف؛ ليتميز عن غيره من المحاصيل، إضافة إلى الحالة الاقتصادية والثقافة المجتمعية.
وتردف: "الزبون عندما يشتري 3 كيلو غرام بـ 10 شواقل، بدلا من كيلو ونصف بعشرة، يفكر في الكمية التي ستكفي لأكثر من يوم واحد فقط، ولا يلقي بالا إذا كان المنتج عضوي وصحي أم لا، الأهم هو الكمية بالنسبة له".
ويساعد جميع أفراد العائلة "منار" في مزرعتها، فيقوم زوجها بالحراثة والتسميد والري، وتقوم هي بالمتابعة والقطف، ويساعدها بذلك أولادها، وتدعمها أيضًا وزارة الزراعة والعديد من المؤسسات التي تشجع على الزراعة الآمنة .
وفي فصل الربيع، يكثر الزوار لـ "بيت القرعيات"، فالمزرعة التي تقع في قلب "مرج ابن عامر" وتلاصق جدار الفصل العنصري، تعد من أجمل مناطق شمال الضفة، وعنها تتحدث بابتسامة وادعة : "أراها أحلى من أنطاليا بتركيا" .
وعن شعورها بنجاح المشروع تقول: " أكون سعيدة إلى حدٍ أنسى فيه الآلام في ظهري التي أعاني منها، وأرفض دعوة أبنائي لإحضار عامل يعتني بالأرض بدلًا من إرهاق نفسي بذلك "، خاتمةً حديثها برسالة للسيدات الفلسطينيات: "عندما تعملين في المجال الذي ترغبين فيه مهما كان بسيطًا، ستُبدعين فيه وسيكون لكِ اسمًا لامعًا" .